اعتدنا جميعاً أن تكون المدرسة بيتنا الثاني، نبدأ فيها أولى انفصالاتنا عن الوالدين، نبني الصداقات ونتعلق بمقاعدنا في الصف ونصبّ عليها كل ما تتسع مخيلتنا من أحلام … لم ندرك يوماً أنها ستخذل أطفالنا وتسقط في هذه الحرب، فيخسرون بذلك بيتهم الثاني بعد أن تدمّر الأول. واقع التعليم في سوريا بات يُرثى له، حيث أفادت اليونيسيف "أنّ أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة، منهم %40 تقريباً من الفتيات".
فقط في سوريا!
لم يكن الذهاب إلى المدرسة منذ 11 عاماً كما يعرفه العالم أجمع، فطريق المدرسة يمر بقنّاص ربما يستهدف أحد الطلبة، ومليء بالحفر بعد أن سارت عليه الدبابات وقصفت من فوقه الطائرات، كما أنّها لم تعد فقط للتعليم بل أصبحت في العديد من المدن ملجأً للنازحين.
بحسب اليونيسيف "لم يعد من الممكن استخدام واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا لأنها دُمرت أو تضررت أو تُستخدم لأغراض عسكرية، كما يعاني جهاز التعليم في سوريا من الإجهاد الكبير ونقص التمويل والتفكك وعدم القدرة على تقديم خدمات آمنة ومتساوية ومستدامة لملايين الأطفال".
ما دورنا؟
لأننا نؤمن أن لا نهوض لدولةٍ دون التعليم، وأننا لن ننجو وأطفالنا أميّين لا يعرفون القراءة والكتابة والدفاع عن حقوقهم وبناء مستقبلهم، نعمل في إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، على مشاريع عدّة بهدف إعادة الأطفال السوريين إلى التعليم والحد من التسرب المدرسي.
استهدفت خدمات القطّاع التعليمي في إحسان أكثر من 1,700 مدرسة و124 نقطة تعليمية (خيمة صفيّة) و 6,246 مستفيد من الكوادر التعليمية، كما أجرت أعمال الصيانة للمدارس بما في ذلك النوافذ والأبواب والمرافق الصحية وتوفير العزل اللازم للخيم الصفيّة.
في الشتاء يكون حال التعليم مأساوياً أكثر، لذلك عملت إحسان على تزويد المدارس بالمصاريف التشغيلية وتأمين الاحتياجات الشتوية من مدافئ ووقود للتدفئة، بالإضافة إلى تأمين المواصلات للطلاب الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن مدارسهم والطلاب ذوي الإعاقة.
ولأن الفقر من أهم أسباب التسرب المدرسي، عملت المشاريع على تزويد 1,527 طالب بالمصاريف الدراسية الأساسية، كما وزّعت الكتب المدرسية على أكثر من 450 ألف طالب في 1,184 مدرسة.
من أبرز المشاكل التي يعاني منها قطّاع التعليم هي نقص الكوادر التعليمية والإدارية لأسباب عديدة منها انقطاع الرواتب عنهم وحاجتهم إلى العمل، لذلك قامت إحسان بتوفير فرص عمل لأكثر من 1,437 منهم وزودتهم بالوسائل والحقائب التعليمية والرواتب الشهرية الخاصة بهم.
ملايين الأطفال المتسربين عن التعليم، الضائعين في زحمة حياتهم بين شقاء العمل ومعاناة النزوح والهجرة، لا يملكون شيئاً من طفولتهم، لذلك نعمل دائماً على حملات العودة إلى المدرسة وتوعية الأهالي بضرورة تعليم أطفالهم ذكوراً وإناثاً، ونؤمن أنّ هذا من أبسط وأهم الحقوق التي يجب منحها للطفل.