العملية التعليمية في سوريا تحتضر على مدار سنوات طويلة، وخاصةً في مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي وإدلب، حيث تتضر 40% من المدارس جراء القصف والتدمير وباتت خارجة عن الخدمة حسب تقارير حقوقية، كما أن الوضع الاقتصادي السيء تسبب في تسرب الطلاب من المدارس والعمل في بيئات غير مناسبة لأعمارهم، بالإضافة إلى التغيير في المناهج التعليمية ونقص المستلزمات الأساسية.

في هذه الحلقة التعليمية يقف المعلمون بين واجبهم المهني الأخلاقي والواقع المرير الذي يضغط عليهم من كافة الجوانب، حيث تتطلب الحياة مصاريفاً كبيرة لكسب قوت العيش وخاصة مع ارتفاع الأسعار، وهو ما لا يوفره عملهم كمعلمين، وفي جانبٍ آخر يدركون جيداً أنهم مسؤولون عن إنقاذ جيلٍ كامل من الجهل والأمية. في اليوم العالمي للمعلمين، يواصل المعلمون في ريفي حلب الشمالي والشرقي إضرابهم للأسبوع الرابع على التوالي للمطالبة بتحسين الواقع التعليمي وزيادة رواتب المعلمين المقدر بنحو 1100 ليرة تركية (60 دولاراً أمريكياً) شهرياً، وهو ما يعد أجراً منخفضاً جداً في ظل ما تشهده المنطقة من قلة الموارد وارتفاع الأسعار.

يقول محمد حسين وهو من أحد المعلمين الذين أعلنوا إضرابهم، أن من أسباب هذه الاحتجاجات كثرة مديريات التربية واختلاف قراراتها وانتشار ظاهرة المحسوبيات والشهادات المزورة، بالإضافة إلى الأخطاء المتكررة في المناهج التعليمية وعدم وجود جهة مراقبة لها، وقلة المستلزمات المدرسية من كتب وقرطاسية وتدفئة وغيرها. يضيف أيضاً أن عدم وجود جهة تحمي المعلمين من التجاوزات التي قد يتعرضون لها يضعهم في مأزق في كثير من الأحيان، كما يجب توفير حقوقهم الواجبة من تقاعد وإجازات مرضية وسنوية تمنحهم القليل من الأمان الوظيفي.

تقول سناء حسانو المتحدثة الرسمية بإسم نقابة المعلمين الأحرار أنه من الضروري توفير حياة كريمة للمعلم ليستطيع المضي قدماً في مسيرته المهنية وتضيف أن "معلم بلا كرامة جيل بلا انتماء"، كما تؤكد على أهمية دورهم في تصحيح مسار الثورة والعملية التعليمية التي هي قاعدة لبناء المجتمع ومؤسساته بشكل ناجح.

يطالب المنظمون للإضراب بالاعتراف بنقابة المعلمين كجهة رسمية وشرعية تحمي المعلم وتطالب بحقوقه وتحمي العملية التعليمية وتحرص على مراقبتها، وإنشاء صندوق دعم للمعلمين ليستطيعوا الاستمرار في عملهم ومساعدة أبناء المنطقة من الالتحاق بمسيرتهم التعليمية ومستقبلهم.