لم يعد خفياً على أحد الوضع الإنساني في مناطق شمال غرب سوريا وإدلب، وما يعانيه ملايين السوريين المتواجدين في هذه المناطق من أزمات صحية وخدمية وأمنية أيضاً، فالسوريين بهذه المناطق محاربين بجميع أنواع مقومات الحياة الأساسية منها، والكمالية التي لا نراها أو نسمع عنها.
منظمات المجتمع المدني السورية منها والدولية العاملة في هذه المناطق، لها الفضل الاساسي في تحسين حياة المدنيين ومساعدتهم على النهوض بمجتمعاتهم ومحاربة الجهل والفقر وتحسين الوضع الاقتصادي المنهار أساساً بالحد الأدنى من مقومات العيش الكريم.
سوريا اليوم، تحت خط الفقر بمختلف المناطق السورية، وحجم الإحتياج كبير للغاية وبحاجة إلى تدخل دول سيادية لدعم الوضع الاقتصادي والإنساني لملايين السوريين، بالإضافة إلى انتشار الجهل والإنقطاع عن التعليم بشكل كبير في مناطق الشمال السوري بسبب رغبة الأهالي بإرسال أبنائهم للعمل بدل المدرسة بهدف إعالتهم مادياً، بالإضافة للأوضاع الأمنية المتقلبة التي تعاني منها هذه المناطق بشكل عام والتي أصبحت مرهقة للمدنيين وتؤثر سلباً على حياتهم ورغبتهم في عيش حياة حرة وكريمة وهو ما يمثل مطالبنا جميعاً مع بداية ثورة الكرامة في العام 2011
نحن اليوم كعاملين في قطاع الإغاثة والاستجابة الطارئة في المنظمات الإنسانية لدينا مسؤولية مضاعفة في حفظ حياة المدنيين ومساعدتهم ما استطعنا والعمل على التخفيف من حدة هذه الظواهر التي لا تشبه مجتمعنا، والعمل بشكل حثيث مع مراكز الحماية والتمكين المجتمعي على توعية المجتمع السوري بشتى الطرق التي تساهم في رفع سوية المجتمع وتجاوز هذه الأزمات التي تعصف بمجتمعنا خلال العشر سنوات الأخيرة.
المؤسسات الانسانية السورية بشكل عام لديها كمية هائلة من البيانات والمعلومات التي ترصد حجم الحاجة الكبيرة للمدنيين على الأصعدة الصحية والغذائية والخدمية وتقديم الخدمة الإنسانية وهو ما يسهل تحديد نوعية المشاريع المطلوبة لتقديم الخدمة وتحديد حجم الإحتياج لمساعدة المستفيدين، ومع انتشار الأخبار المتعلقة بإمكانية إيقاف المساعدات الانسانية العابرة للحدود حسب قرار مجلس الأمن الدولي، إزدادت لدى المدنيين حجم المخاوف لدى المدنيين وجميع المعنين من منظمات المجتمع المدني السورية والدولية والعاملين في القطاع الإغاثي والصحي، بسبب عدم وجود آلية بديلة واضحة من المجتمع الدولي لتقديم الخدمة الإنسانية في حال اصطدم مجلس الأمن بفيتو روسي صيني جديد.
ومن المخاوف المطروحة اليوم في حال تم إيقاف المساعدات الإنسانية هي انتشار ظواهر السرقة أو التشرد بشكل أكبر مما كانت عليه في ظل ضعف الحالة الأمنية وانتشار الفصائلية بين المناطق،بالإضافة إلى فقدان المجتمع السوري للركيزة الاساسية التي يعتمد عليها حالياً وهي عدم قدرة المدنيين على التعافي الاقتصادي المبكر، نظراً لعدم توفر الفرص بشكل كبير وإنعدام السوق التجارية المفتوحة التي من الممكن ان تحسن الوضع الاقتصادي.
رسالتنا لأهلنا السوريين في المهجر أولاً، فأنتم العماد الاساسي والداعم الأول لصمود ملايين السوريين في مناطق شمال غرب سوريا، آلاف العوائل التي تعيش على المساعدات الانسانية المقدمة عبر وكالات الأمم المتحدة مهددة اليوم في أزمة إنسانية غير مسبوقة لم تعرفها سوريا يوماً، الأزمة لا تتعلق بالغذاء فحسب بل هي إنهيار للمنظمة الأخلاقية المجتمعية بالكامل في ظل الفقر الشديد وانتشار الجهل، فعلينا جميعاً الوقوف معاً في دعم أهلنا السوريين في الحصول على حياة حرة وكريمة وإبعادهم عن الحاجة أو العوز.
أخيراً، قضيتنا قضية إنسانية وليست سياسية، وما تفعله روسيا اليوم هو تسييس الحالة الإنسانية وإعادة الشرعية لنظام الأسد عن طريق إدخال المساعدات من معابر سيطرة النظام عبر نقاط التماس وجعل ثورة الشعب السوري ضد الظلم والبحث عن الحرية والكرامة إلى حرب أهلية أو طائفية لا تشبهنا ولا تمثل أحلامنا.
نظام الأسد فقد شرعيته من قبل الشعب السوري منذ أكثر من أحد عشر عاماً، فمع استخدامه لشتى أنواع الأسلحة المحرمة دولياً كالصواريخ البالستية والكيماوية ضد المدنيين، واستخدامه اسلوب الركوع أو الجوع في المناطق المحاصرة لم يعد من الممكن الوثوق بهذه النظام في أي مسألة أخرى سياسية كانت أم إنسانية، وهذه رسالتنا للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل واضح، من الضروري اليوم الاستمرار بتقديم المساعدات الانسانية للشعب السوري عبر وكالات الأمم المتحدة دون الرجوع لمجلس الأمن والابتزاز الروسي وعيش السوريين في كابوس تجديد المساعدات الانسانية كل ستة أشهر ، وذلك لتجنب أزمة إنسانية نحن جميعاً لا نتمنى حدوثها.
خالد السويد
قسم الإمداد اللوجستي في المنتدى السوري – إدلب
المصدر: وكالة زيتون – مقال رأي