حقوق الإنسان تمثل المبادئ الأخلاقية والمعايير الاجتماعية التي تصوّر نموذجًا للسلوك البشري، فهي حقوق أساسية لا يجوز المساس بها كونها جزءًا لا يتجزأ من وجود الإنسان. تنطبق هذه الحقوق على الجميع بغض النظر عن جنسيتهم، أو مكان قامتهم، أو نوع جنسهم، أو دينهم، أو مذهبهم، أو عرقهم، أو لونهم، أو لغتهم، دون أي تمييز. يحق للجميع الوصول إلى حقوقهم الإنسانية بمساواة ودون تمييز، وجميع هذه الحقوق مترابطة ولا تقبل التجزئة أو التنازل، إذ تعتبر عالمية وغير قابلة للتصرف وتتفاعل مع بعضها البعض.

تاريخ حقوق الإنسان يعود إلى العصور القديمة حيث كانت الأعراف تلعب دورًا في حفظ بعض حقوق الإنسان وكرامته، وتقليل من مظاهر العنف بين الناس. ويتفق الجميع على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يشكل أساسًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.في سياق حقوق الإنسان ووفقًا لإعلان حقوق الإنسان، يتم تأكيد مفهوم المساواة وعدم التمييز كأحد القيم الأساسية. تتجلى المساواة في التعامل العادل والمتساوي لجميع الأفراد، حيث يحق للجميع التمتع بحقوقهم وحرياتهم بغض النظر عن أي اختلاف يمكن أن يكون موجودًا بينهم، مثل الجنس، أو العرق، أو الدين، أو اللون، أو اللغة، أو أي سمة شخصية أخرى.إن عدم التمييز يعكس التفاعل الحيوي بين حقوق الإنسان المتنوعة ويؤكد على أن جميع الأفراد يجب أن يعاملوا بالعدالة والمساواة. ينص إعلان حقوق الإنسان على أنه يجب عدم فرض أي نوع من أنواع التمييز أو الاستثناءات غير المبررة، وذلك لضمان حقوق الإنسان للجميع بشكل شامل وعادل.مفهوم المساواة وعدم التمييز يعكس روحًا جوهرية في حقوق الإنسان، حيث يعزز التعايش السلمي والتقارب الاجتماعي، ويسهم في بناء مجتمعات تقوم على المبادئ العادلة والمتساوية.

ولقد كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم تبنيه في عام 1948، مصدر إلهام للكثير من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانونًا، وقد شمل هذا الإعلان على: حرية التعبير، حق اللجوء، الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاجتماعية كحقِ العيش في مسكنٍ مناسب والحقوق الثقافية والإقتصادية وغيرها من الحقوق المختلفة.وبإقرار هذه الحقوق فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياتهم، فهي الكيزة الأساسية للحرية والعدل وتحقيق السلام في العالم، وإن ازدراء وإغفال حقوق الإنسان أو التغاضي عنها غالباً ما يُفضي إلى كوارث إنسانية وأعمالاً همجية تحدث شروخاً عميقة في الضمير الإنساني، ولهذا فإنه من الضروري والواجب أن يتولى القانون والتشريعات الدولية والوطنية حماية حقوق الإنسان حتى لا يشهد العالم والإنسانية مزيدا من الكوارث ضد حقوق الإنسان والضمير الإنساني جميعا.ما يحصل في سوريا من انتهاكات تتجلى للعالم أجمع كأبرز انتهاكات لحقوق الإنسان في القرن الواحد والعشرين وما تم تسجيله من خروقات دليل واضح على أن إجرام القتلة وحشيتهم تجلى بانتهاكات تبدأ بأبسط الحقوق وتنتهي بأسماها. فالقتل العشوائي والمجازر والإبادات الجماعية للمدنيين السوريين والتي كان أغلبها من النساء والأطفال هي وصمة على جبين الإنسانية. أضف إلى ذلك قتل الشباب وفق الرأي السياسي و وحرمانهم من التعبير في بلدهم وتهجير ما بقي منهم إلى بقعة جغرافية ضيقة تنعدم فيها مقومات الحياة الكريمة ويتعرضون فيها إلى اعتداءات متكررة وقصف عشوائي دون محاسبة . كما يلجأ شباب آخرون إلى كل دول العالم، فيجوبون الغابات والبحار بطرق غير شرعية، ويلقى الكثير منهم حذفه جراء غياب أية إجراءت لحمايتهم . أما الشباب الذي بقي في سوريا لايزال يتعرض لسلب حقوقه كحق التعليم فالأطفال لايجدون مقاعد للدراسة أو حتى الغرف الصفية التي بات معضمها مركز تجمع للأسر النازحة.في هذا اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يظهر تواصل الانتهاكات والظلم الذي يعاني منه أهالي فلسطين، خاصة في قطاع غزة، بسبب سياسة العقوبات الجماعية. هذه الجرائم تمثل انتهاكًا صارخًا وواضحًا لحقوق الإنسان وجرائم حرب، ويتسارع الوضع نحو مزيد من التصاعد بفعل الصمت الدولي.

في هذا السياق، يجب علينا جميعًا، في هذا اليوم استغلال الفرصة للتذكير بالمسؤوليات العالمية والضغط من أجل توقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الفاعلين. التقاعس الدولي يهدد بتفاقم الأوضاع وزيادة الانتهاكات، لذا يتعين علينا العمل المشترك لتحقيق أقصى حد ممكن من حماية حقوق الإنسان ووقف هذا الجرم الذي يعاني منه أهل فلسطين.في الختام، يتعاظم صدى هذا اليوم كتذكير بأهمية الوقوف معًا ضد انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم. ندعو إلى تكاتف المجتمع الدولي لوقف الصمت واتخاذ إجراءات فورية للتصدي للظلم والعقوبات الجماعية التي يتعرض لها أهل فلسطين وسوريا.إن حقوق الإنسان تمثل أساسًا لبناء عالم يسوده العدل والمساواة، وعلى الرغم من التحديات، يجب أن يكون التزامنا بها قويًا ومستمرًا. لنقف معًا ضد الظلم ونعمل نحو تحقيق حقوق الإنسان للجميع، لأن تحقيق هذا الهدف يسهم في بناء عالم يسوده السلام والازدهار.ندعو بقوة إلى ضرورة وقف العقوبات الجماعية والتصعيد العنيف في سوريا، وضرورة التصدي للانتهاكات الجارية في فلسطين، خاصة في ظل الصمت الدولي المؤلم.في هذا اليوم العالمي، لنتحد، و ندعم حقوق الإنسان في سوريا وفلسطين، ونعمل جميعًا نحو تحقيق عالم يسوده السلام والعدل، حيث يمكن للإنسان العيش بكرامة وحرية.

بقلم: وئــام عـبـد الــلطيف 

قسم الحماية – المنتدى السوري