حقوق الإنسان تشكل الأساس الأخلاقي والقانوني لحياتنا، وهي تجسد التزامنا بالكرامة والعدالة للجميع. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل إطاراً أساسياً يشدد على أهمية احترام هذه الحقوق الأساسية، ويدعو إلى تحقيق التسامح والتعاون بين مختلف ثقافات ومجتمعات العالم، على المجتمع الدولي الإلتزام بضمان توفير هذه الحقوق للجميع دون تمييز، سعياً إلى بناء مجتمع عادل ومستدام. اليوم، في ظل التحديات التي تواجهها البشرية، يكمن عبء المسؤولية على عاتقنا للتصدي للانتهاكات والظلم والتمييز، والعمل نحو تحقيق مستقبل يسوده السلام والتعاون.في الوقت الحالي، يتعرض الشعب السوري لتحديات هائلة، حيث يفرض الفقر المدقع ضغوطًا كبيرة على جميع فئات المجتمع. الحرب والأزمة الاقتصادية أثرت بشكل كبير على حياة الناس، مما أدى إلى تفاقم الحالة الإنسانية وتضاعفت الصعوبات المعيشية.يعيش السوريون اليوم في ظل نقص حاد في الخدمات الأساسية، مثل الإسكان والغذاء والرعاية الصحية، مما يجعلهم يعيشون حالة غياب شبه تام لحقوقهم الأساسية. الأوضاع الاقتصادية الصعبة تضرب بقوة على كل فرد في المجتمع، وخاصة الفئات التي كانت قد نجت بصعوبة من الأزمات السابقة.إن هذه التحديات تلفت الانتباه إلى الضرورة الملحة للتدخل الإنساني والتعاون الدولي لتقديم الدعم والمساعدة. إن مواصلة توفير المساعدات الإنسانية ودعم الأوضاع الاقتصادية تعد خطوات حيوية لتخفيف العبء عن كاهل الشعب السوري وتحسين ظروف حياتهم.

تحذيرات برنامج الأغذية العالمي تكشف عن حجم الأزمة الإنسانية في سوريا، حيث يواجه مليون شخص صعوبات في الحصول على وجباتهم اليومية، ومع تزايد عدد الأشخاص المعرضين لخطر الجوع، يتسارع وتيرة التحذيرات من تفاقم الوضع. إن ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية يضعان سوريا في المرتبة السادسة عالميًا من حيث انعدام الأمان الغذائي، مما يستدعي التدخل الفوري لتفادي تداول الأوضاع نحو الأسوأ.إذا لم يتم التصدي لهذه الأزمة بفعالية، فإن هناك مخاطر نزوح جديد قد تكون مصيرًا وخيمًا، مشابهًا لتلك التي شهدتها أوروبا في عام 2015. الحاجة الملحة للتعامل الإنساني والدعم الدولي يبرز أكثر من أي وقت مضى لتفادي تفاقم المأساة ولضمان تأمين الاحتياجات الغذائية للشعب السوري.هل هذا ما يريده المجتمع الدولي!نشأت في عموم سوريا عدة منظمات محلية ومؤسسات مجتمع مدني وجمعيات تابعه للأمم المتحدة تعمل جميعها في المحافظة على حقوق الإنسان السوري ولو بالحدود الدنيا، كما تعنى هذه الجهات بالنظام المعيشي للإنسان السوري وتسعى – بالرغم من شح الموارد والتمويل – لإكفاءه وتؤمن له أساسيات الغذاء كالأرز والمعكرونه والزيت والسكر وحتى الخبز في بعض الأحيان، ومن ناحيه أخرى تهتم بصحة ورفاه الأطفال من خلال مجموعة تدخلات نفسية وتعليمية وإجتماعية وصحية.أتذكر مع اقتراب مناسبة اليوم الدولي لحقوق الإنسان قصة أحد الأصدقاء الذي قال لي مرة والدموع تكاد تنفر من عينيه : “وصف الطبيب لابنتي أدوية وبالإضافة إلى الأدوية لحم وبيض يومياً لكي تنغلب على مرض التقزم الذي أصابها وعليها تناولها بدءا من الآن حتى سن البلوغ” وحين علمت آن سبب حزنه هو عجزه عن تأمين اللحم والبيض قلت له “أمّا البيض فيمكنك تأمينه”، أجاب إن جلبت لها “بيضه” يومياً سيطلب أخوها ببيضة له أيضاً ولا أستطيع أن أشترى له بيضة أيضاً.هذه القصة المؤلمة أصبحت قصة كل سوري هذه الأيام بعد ما بات تأمين لقمة العيش هاجساً ل 90 في المئة من السوريين الذين أصبحوا تحت خط الفقر بحسب المنظمات الدولية. ولكلٍ قصته مع الفقر غير أن القاسم المشترك بين فقراء سوريا هو أن فقرهم سيورثهم أمراضاً ستدوم ومعاناة نفسية وجسدية ستستمر في ظل غياب أي حل للوضع في سوريا، لذلك ينبغي في اليوم الدولي لحقوق الإنسان التأكيد على صحة وسلامة الإنسان السوري والقضاء على الفقر الذي يعيش فيه، وينبغي – اليوم العالمي لحقوق الإنسان – أن يقدم أجندة واضحة لبناء مستقبل مستدام والعمل معاً للقضاء على التميبز. ونستذكر في هذه المناسبة الرؤية التي وردت في أجندة اليوم العالمي للقضاء على الفقر حيث جاء في “رؤيه جدول أعمال التنميه المستدامة لعام 2030 ” الذي حضره قاده العالم في شهر أيلول في مؤتمر قمة الأمم المتحدة: نعتزم العمل من الآن و حتى عام 2030 للقضاء على الفقر والجوع في كل مكان وأيضاً للقضاء على أشكال عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها، وبناء مجتمعات مسالمة وعادله وشامله للجميع وحماية حقوق الأنسان والعمل على تحقيق المساواه بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات وبرامج حماية الأطفال .ينبغي عقد العزم على تهيئة الظروف المناسبه للنمو الاقتصادي المستدام والمطرد الذي يشمل الجميع ويمكنه خلق وظائف لائقة للجميع ويحسن من مستويات المعيشة وصولا للأزدهار العميم في مختلف مناطق الجغرافيا السورية مع مراعاة مختلف مستويات التنميه والقدرات للبيئات المحلية. إن إرساء حقوق الإنسان والقضاء على الفقر المدقع يستدعي من الدول والمجتمع الدولي والفاعلين في مجال حقوق الإنسان اتخاذ اجراءات حازمة لأحترام حقوق الانسان ومنها المبادى، والحقوق الاساسية التي تمثل ركيزة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة تقضي على الفقر. وأكدت منظمة العمل الدولية على أنها على أهبه الاستعداد للقيام بمسؤولياتها مع أسرة الامم المتحدة بغيه تعزيز النمو الاقتصادي المطرد و الشامل للجميع وفق ما نص عليه الهدف الثامن من جدول الأعمال في العام 2020، منظمة العمل الدولية التي وضعت منهجية للعمل اللائق بما يلائم تحديات المواطن العادي في ظل الحروب والنزعات والكوراث الطبيعية وغيرها. واحد من أهم أهداف التنميه المستدامة التي تلعب دورا اساسيا في صون كرامة الإنسان هو توفير فرص العمل اللائق الى جانب ضمان الحقوق الأخرى والحماية الاجتماعية، والحماية عندما يغدوا الناس غير قادرين على العمل وكسب دخل كاف للبقاء بعيداً عن براثن الفقر فضلاً عن إيجاد أرضيه تقي من ظهوره.

بقلم: محمد وردان

قسم الحماية – المنتدى السوري