يعتبر اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يصادف 19 أغسطس من كل عام، فرصة للتوعية بأهمية العمل الإنساني والتضامن مع المحتاجين حول العالم، وتسليط الضوء على الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية حول العالم، وتكريم العاملين في المجال الإنساني الذين يقدمون خدماتهم في مناطق النزاعات والكوارث، وغالباً ما يعرضون حياتهم للخطر من أجل تقديم المساعدة لمن هم في أمسِ الحاجة لها، وتذكير المجتمع الدولي بالتحديات الإنسانية الجسيمة التي تواجه العديد من الدول، وخاصة تلك التي تشهد نزاعات وأزمات وكوارث طبيعية، مثل الشمال السوري الذي يعاني من نزاعات مستمرة منذ سنوات، أدت الى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما أدى الى انهيار البنية التحتية الأساسية، وتفاقم الأزمات الصحية والتعليمية بالإضافة الى انتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع.
في سياق الشمال السوري تتضاعف أهمية العمل الإنساني لدعم المجتمع المحلي والتخفيف من معاناته، ويلعب التمكين الاقتصادي دوراً حيوياً في تحسين حياة الأفراد وتعزيز قدرتهم على الصمود.
أهمية العمل الإنساني
استمرارية العمل الإنساني على المستوى الدولي تحمل أهمية كبيرة، لأسباب متعددة تتعلق بحماية الأرواح وتلبية الاحتياجات الأساسية( غذاء، مياه، مأوى والرعاية الصحية) للأشخاص المتضررين.
دعم التنمية : جوهر العمل الإنساني ليس تقديم الاحتياجات الأساسية أثناء الأزمات فقط، بل يشمل أيضاً الجهود المبذولة لبناء قدرات متكاملة للمجتمع المستهدف من خلال التعليم والتواصل مع المجتمع والاعتماد على الذات، ودعم المشاريع التنموية التي تنتقل من المجتمع من الاعتماد على المساعدات إلى الاكتفاء الذاتي وبناء مستقبل أفضل لهذه البلاد.
تعزيز التضامن الدولي: يساهم العمل الإنساني في زيادة وعي المجتمعات حول العالم بالتحديات التي تواجهها من خلال التضامن والتعاون الدولي يتم المساهمة في دعم وتمكين الدول المحتاجة كما يؤدي هذا التضامن لتعزيز العلاقات الدولية.
أهمية العمل الإنساني في الشمال السوري
يعتبر العمل الإنساني في الشمال السوري شريان الحياة لملايين السكان الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، توفير الغذاء، المياه الصالحة للشرب، الرعاية الصحية، والمأوى الأمن هي بعض الاحتياجات الضرورية التي يعمل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية على تلبيتها، هذه الجهود تلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على حياة السكان وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
لكن أهمية العمل الإنساني لا تقتصر فقط على تقديم المساعدات الطارئة، بل تتجاوز ذلك لتشمل دعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات المتضررة، وهنا تأتي أهمية التمكين الاقتصادي كجزء أساسي من جهود العمل الإنساني
التمكين الاقتصادي ركيزة أساسية للتنمية والاستقرار
يعد التمكين الاقتصادي من أهم الوسائل لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار وبناء مستقبل أفضل، في المناطق المتضررة من النزاعات.
في الشمال السوري يكون للتمكين الاقتصادي دور كبير في تعزيز قدرة الافراد على الاعتماد على أنفسهم وتخفيف العبء عن المنظمات الإنسانية.
التمكين الاقتصادي يتيح للسكان فرصة تحسين ظروفهم المعيشية من خلال توفير فرص عمل، ودعم المشاريع الصغيرة، وتوفير التدريب المهني، وتقديم القروض الصغيرة للأفراد لبدء مشاريعهم الخاصة.
هذا النوع من التمكين يساعد على إعادة بناء النسيج الاجتماعي وتخفيف الضغوط الاقتصادية، مما يقلل من الاعتماد على المساعدات الإنسانية، ويساهم في خلق مجتمع اكثر استقرارا واستقلالية.
التمكين الاقتصادي للمرأة وأثره
تعتبر النساء من بين الفئات الأكثر تضررًا في الشمال السوري ، حيث فقد العديد منهن أزواجهن ومعيليهن، مما جعلهن المسؤولات الوحيدات عن إعالة أسرهن. من هنا، تبرز أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة كوسيلة لتعزيز دورها في المجتمع وتحسين وضعها الاقتصادي.
العديد من المنظمات الإنسانية تعمل على تقديم برامج تدريبية خاصة بالنساء، تتراوح بين تطوير المهارات الحرفية مثل الخياطة وصناعة المواد الغذائية، إلى تدريبهن على مهارات إدارية وإطلاق مشاريع صغيرة. هذه المبادرات لا تعزز فقط من قدرة النساء على إعالة أسرهن، بل تُسهم أيضًا في تغيير النظرة التقليدية تجاه دور المرأة في المجتمع، مما يفتح الباب أمام المزيد من المساواة وتمكين المرأة على المدى الطويل.
دور المنظمات المحلية
تلعب المنظمات الإنسانية في الشمال السوري دوراً محورياً في تقديم المساعدات في الوقت الذي يكون فيه الوضع الإنساني معقداً ومتغيراً باستمرار. تساهم هذه المنظمات في تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات المتضررة، وتعزز التعاون بين الأطراف المختلفة على الصعيدين المحلي والدولي.
وتعد المنظمات المحلية العاملة في الشمال السوري مصدراً أساسياً للدعم والتغيير في السياقات الصعبة، حيث توفر الاستجابة السريعة المناسبة لاحتياجات المجتمعات المحلية في الوقت الذي يكون فيه الوصول الى المساعدات الدولية محدوداً أو صعباً. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمات المحلية لكنها تقدم الدعم والخدمات الأساسية للمجتمعات المتضررة بطرق فعالة.
يذكر أنه في هذا اليوم تم الهجوم على فندق القناة في بغداد، وأسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصاً من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييرادي ميلو.
وفي كل عام يتم طرح قضية معينة لتعزيز التضامن والدعم، ودعوات التبرع لهذه القضية. بالإضافة الى أنشطة وفعاليات لتسليط الضوء على أهمية العمل الإنساني في تحسين حياة الأشخاص المتضررين.
التمكين الاقتصادي يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات العمل الإنساني، لما له من دور في تعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة. من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات، يمكن خلق بيئة أكثر استقرارًا وازدهارًا، تسهم في تحقيق السلام والعدالة. إن مستقبل الشمال السوري يعتمد على استمرارية هذه الجهود وتكاملها.
أحمد الإسماعيل - موظف حماية في المنتدى السوري