يصادف اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يُحتفل به في 19 أغسطس من كل عام، مناسبة عالمية لتقدير جهود العاملين في المجال الإنساني، الذين يكرسون حياتهم لإنقاذ الأرواح وتقديم الدعم للمجتمعات المتضررة. في سياق الأزمة السورية المستمرة، يواجه الأطفال في شمال غرب سوريا تحديات نفسية واجتماعية هائلة نتيجة للصراعات والتهجير والكوارث الطبيعية. إن العمل الإنساني في هذه المنطقة ليس مجرد تقديم المساعدة، بل هو أيضاً عن توفير بيئة آمنة تُعزز رفاهية الأطفال وتساعدهم على التعافي من صدماتهم.

تعمل مؤسسة إحسان أحد برامج المنتدى السوري، من خلال مراكز الطفل، على تعزيز حماية الأطفال وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم. تتيح هذه المراكز للأطفال فرصة العودة إلى الحياة الطبيعية عبر أنشطة تُعنى بصحتهم النفسية وتوفر لهم مساحة آمنة للعب والتعلم والتفاعل مع أقرانهم. كما توفر برامج التوعية الوالدية، التي تساعد مقدمي الرعاية على تحسين أساليب التعامل مع الأطفال، ما يُسهم في تعزيز الرفاهية النفسية للأطفال وأسرهم.

إحدى أهم جوانب العمل الإنساني هي تلك التي تحدث خلف الكواليس، حيث يعمل الأشخاص الذين يدركون أن فعل الخير يتجلى في تغيير حياة الآخرين نحو الأفضل. هم أولئك الذين يجدون سعادتهم في رؤية ابتسامات الأطفال، وفي الشعور بالرضا عندما يُساهمون في تخفيف الحزن والمعاناة.

العمل الإنساني في سوريا له أهمية كبيرة في تحسين حياة الناس وتعزيز حقوقهم الأساسية، خاصة في ظل الأزمة المستمرة التي تؤثر على جميع جوانب الحياة. إن توفير الحماية والدعم للأطفال، النساء، الشباب، وكبار السن، وكذلك الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة أو الأمراض المزمنة، يُعتبر جزءاً أساسياً من جهود التخفيف من آثار هذه الأزمة.

تعمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك مؤسسة إحسان، على تحرير الناس من الفقر من خلال تنفيذ برامج تمكين تعزز النمو الاقتصادي للأسر، وتوفير فرص عمل تساعد في بناء مستقبل أكثر إشراقًا. بالإضافة إلى ذلك، تعمل هذه المنظمات على تعزيز التعاون بين المجتمعات المحلية والمنظمات الدولية، مما يُسهم في بناء الثقة وتعزيز الروابط الإنسانية، وزرع شعور الانتماء والتكاتف.

في اليوم الدولي للعمل الإنساني، نتعهد بالوقوف جنبًا إلى جنب مع المجتمعات المتأثرة بالأزمات والكوارث، ونبذل قصارى جهدنا لتلبية احتياجاتهم مهما كانت التحديات. إن قصص الأطفال ومقدمي الرعاية في شمال غرب سوريا تعكس أهمية هذه الجهود الإنسانية. من الأطفال الذين يجدون السعادة في اللعب بألعاب لم يحلموا بها، إلى مقدمي الرعاية الذين تعلموا كيفية تحسين علاقتهم مع أطفالهم عبر جلسات التوعية والتدريب التي قدمتها مؤسسة إحسان.

يقول محمد، أحد الأطفال المستفيدين: "أكثر شيء أعجبني كان نشاط التوازن مع قطع الليغو. أحببت القدوم إلى المركز لأنني تعرفت على أصدقاء جدد وتعلمت أهمية التعاون. كنت لا أحب اللعب مع أحد، ولكن الآن إذا حصلت لي فرصة القدوم كل يوم فلن أقول لا."

يعقوب، طفل آخر، يقول: "أحلى شعور هو القدوم إلى مكان يمكنك فيه الهروب من أجواء المخيم والغبار، واللعب بألعاب لم أرها من قبل. أتمنى أن أمتلك مثل هذه الألعاب في البيت لألعب بها مع كل الأطفال في المخيم."

أما حمزة، فيقول: "أفضل شعور هو عندما أزور المركز وأرى الأصدقاء الذين تعرفت عليهم. الآن، أصبحت قادرًا على التعبير عن رأيي وأفكاري دون الخجل الذي كان يلاحقني.

قصص مقدمي الرعاية هي الأخرى تعكس التحولات الإيجابية في حياتهم. خالد، أحد مقدمي الرعاية، يقول: "كنت شديدًا مع أطفالي لدرجة أنهم كانوا يخافون التحدث معي. ولكن بعد جلسات المهارات الوالدية، شعرت أنني كنت مخطئًا في معاملتي لهم، وصرت أعدل تصرفاتي معهم. شكرًا لإحسان على هذا التدريب المهم."

علي، مقدم رعاية آخر، يضيف: "كنت أتسرع في عقاب أطفالي، لكن جلسات التدريب جعلتني أتعلم كيف أتعامل معهم بشكل أفضل. الآن، أصبحت أعد للعشرة قبل أن أتصرف، ووقفت استخدام الضرب تمامًا."

إن هذه الشهادات تُبرز الأثر العميق الذي يمكن أن يتركه العمل الإنساني في حياة الناس، وتؤكد على أهمية استمراره وتوسيع نطاقه للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين.

بقلم: حلا زكور - مسؤولة بناء القدرات لحماية الطفل في المنتدى السوري