في 19 أغسطس من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للعمل الإنساني، وهو فرصة لتسليط الضوء على الجهود البطولية التي تبذلها المنظمات الإنسانية في أماكن الأزمات والنزاعات حول العالم. منذ بداية الحراك الثوري في سوريا عام 2011، ومع تطور الأحداث إلى نزاع مسلح، أصبح دور المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث أدت الظروف القاسية والعنف الممنهج ضد المدنيين إلى حاجة ملحة لتدخل إنساني واسع النطاق.

مع استخدام النظام السوري للقوة العسكرية ضد المظاهرات السلمية والمناطق المدنية، ظهرت الحاجة الماسة إلى توفير الدعم للمجتمعات المتضررة من النزاع. استجابت المنظمات الإنسانية لهذه الأزمة من خلال تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات الأساسية التي كانت شريان الحياة للمدنيين المحاصرين والمتضررين.

الأدوار الحاسمة للمنظمات الإنسانية في شمال سوريا

  1. توفير المساعدات الغذائية: قامت المنظمات بتوزيع الطعام والمواد الغذائية الأساسية على آلاف الأسر التي نزحت أو دمرت منازلها بسبب القصف والعمليات العسكرية. هذه المساعدات كانت ضرورية لضمان عدم تعرض الناس للمجاعة، وخاصة في المناطق التي كانت تعاني من حصار شديد.
  2. الرعاية الصحية: في ظل تدمير البنية التحتية الصحية، لعبت المنظمات دورًا أساسيًا في دعم المستشفيات والعيادات الميدانية، وتقديم العلاج والرعاية الطبية للمصابين والمرضى. كما قدمت دعمًا مهمًا للعاملين الصحيين الذين يعملون في ظروف خطرة.
  3. تأمين المياه والصرف الصحي: لتقليل انتشار الأمراض، عملت المنظمات على توفير مياه شرب نظيفة وخدمات صرف صحي ملائمة. هذا الجهد كان حيويًا في منع تفشي الأمراض التي تنتقل عبر المياه، مثل الكوليرا.
  4. دعم التعليم: في ظل تعرض المدارس للدمار جراء القصف، قامت المنظمات بترميمها وتوفير مواد تعليمية، بالإضافة إلى تنظيم برامج تعويضية لإعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة. التعليم كان ولا يزال ضروريًا للحفاظ على مستقبل الأطفال والشباب.
  5. الاستجابة لحالات الطوارئ: عند حدوث الكوارث مثل النزوح الجماعي أو الهجمات المفاجئة، كانت المنظمات الإنسانية في الصفوف الأمامية لتقديم المساعدة الطارئة، بما في ذلك تأمين المأوى وتوزيع الإمدادات الأساسية.
  1. الحماية والدعم النفسي: مع تعرض الكثيرين لصدمات نفسية نتيجة للنزاع المستمر، قدمت المنظمات برامج دعم نفسي للأطفال والنساء، لمساعدتهم على تجاوز هذه الصدمات واستعادة بعض من الاستقرار النفسي والاجتماعي.

تحديات وعواقب تقليص الدعم الإنساني

على الرغم من الدور الحيوي الذي تقوم به هذه المنظمات، فإنها تعمل في بيئة محفوفة بالمخاطر وفي ظل نقص حاد في الموارد. ومع ذلك، فإن استمرار هذا العمل أمر بالغ الأهمية للحفاظ على حياة وكرامة المدنيين المتضررين. تقليص الدعم لهذه المنظمات من شأنه أن يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم فيها المعاناة وتتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل سريع. ومن بين الآثار السلبية المحتملة:

  1. تدهور الأوضاع الإنسانية: بدون المساعدات الغذائية والصحية، قد يواجه الناس نقصًا حادًا في الغذاء والدواء، مما يؤدي إلى زيادة معدلات سوء التغذية وانتشار الأمراض.
  2. انعدام الخدمات الأساسية: يمكن أن يؤدي نقص التمويل إلى تدهور جودة الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه النظيفة، مما يزيد من معاناة السكان ويضعف قدرتهم على التعافي.
  3. تفشي الأمراض والأوبئة: في غياب المياه النظيفة والصرف الصحي، تصبح المناطق المتضررة عرضة لتفشي الأمراض الوبائية مثل الكوليرا، مما يهدد حياة الآلاف.

الدعوة إلى استمرار الدعم

إن المنظمات الإنسانية تشكل العمود الفقري للاستجابة للأزمات في شمال سوريا. دورها الفعّال في تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات المتضررة يجعلها جزءًا لا غنى عنه في عملية الإغاثة وإعادة البناء. لذلك، من الضروري أن يستمر الدعم الدولي لهذه المنظمات، لضمان قدرتها على مواصلة تقديم المساعدات الحاسمة وحماية حياة الملايين من المدنيين.

بقلم: محمد الحمدان - عامل حماية في مركز حماية المرأة في المنتدى السوري