نيويورك – ألقت سيدة الأعمال السورية والمديرة التنفيذية لمنظمة بصمات Basamat For Development، مجد شربجي، كلمة مؤثرة أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته الخاصة حول سوريا، بدعوة من بعثة جمهورية كوريا لدى الأمم المتحدة ، وبترشيح وتنظيم من المنتدى السوري، أكدت فيها أن السوريين طووا صفحة الاستبداد لكنهم يواجهون اليوم التحدي الأصعب المتمثل في ضمان انتقال سياسي شامل يكرّس العدالة ويصون التضحيات.
*واستهلت شربجي كلمتها بتقديم الشكر للمنظمين وبالتعزية لأرواح المدنيين الذين سقطوا في الأحداث المأساوية هذا العام، مشددة على أن الألم واحد، وأن العدالة الانتقالية الشفافة والشاملة هي الطريق الوحيد لبناء ثقة متبادلة بين السوريين وضمان عدم تكرار المأساة. وأكدت أن فرحة التحرر من النظام الاستبدادي يقابلها قلق من مستقبل لم يُحسم بعد* ، مضيفة: “إن أي إخفاق في هذه المرحلة قد يبدّد التضحيات الهائلة التي بذلها شعبنا، *ولذلك فإن التزامنا كسوريين ثابت وواضح: إنجاح الانتقال السياسي وبناء دولة عادلة ديمقراطية قائمة على حقوق المواطنة دون تمييز، ولا عودة فيها إلى الاستبداد.”*
وفي شهادتها الشخصية، تحدثت شربجي عن سبعة أشهر قضتها في السجن تعرّضت خلالها للتعذيب، لكنها قادت إضرابًا عن الطعام انتهى بالإفراج عن 83 معتقلة، مؤكدة أن التجربة علمتها أن قوة الإنسان تُقاس بالصمود والتمسك بالعدالة لا بالانتقام. كما شددت على أن مدينة داريا، مسقط رأسها، كانت نموذجًا للسلمية ورفض العنف والطائفية منذ بدايات الثورة.
وانتقلت شربجي للحديث عن التحديات الإنسانية والاقتصادية، لافتة إلى أن أكثر من 16.5 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات عاجلة، وأن نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما يفتقر ملايين اللاجئين لشروط العودة الآمنة والكريمة، فضلًا عن استمرار معاناة السوريين من التمييز والمعاملة السيئة في المعابر والمطارات والسفارات. وأوضحت أن إرث الفساد والمحسوبية الذي خلّفه النظام السابق لا يمكن تجاوزه إلا عبر إعادة إعمار قائمة على منظومة قيم جديدة من الشفافية والمساءلة، لا على الحجارة والإسمنت فقط.
وفي رسالتها إلى الأمم المتحدة، دعت شربجي أعضاء مجلس الأمن إلى حماية استقرار سوريا ومنع أي محاولات لزعزعته، وتكثيف الدعم لجهود المجتمع المدني والانتقال السياسي بقيادة سورية خالصة، مؤكدة أن ميثاق الأمم المتحدة ينطلق من “نحن الشعوب” لا “نحن الحكومات”. *كما وجهت سلسلة من المطالب إلى الحكومة السورية، أبرزها إطلاق عملية انتقال سياسي شاملة تضمن مشاركة النساء وجميع المكونات على قدم المساواة، إصلاح المؤسسات الحكومية والمدنية، تعزيز دور المرأة اقتصاديًا عبر التدريب والائتمان وحاضنات الأعمال، ضمان تنسيق الاستثمارات والدعم الدولي في خدمة التنمية المستدامة، والتحلي بالشفافية الكاملة في التواصل مع المواطنين. وشددت على أن التعليم يجب أن يكون أولوية وطنية قصوى لأنه “السد الحقيقي أمام عودة أي صراع طائفي أو عنف مستقبلي، وهو الضمانة الأفضل لمستقبل أبنائنا.”*
وختمت كلمتها بالقول: “لقد تحررنا من الاستبداد، وهذه فرحتنا الكبرى، لكن نجاح الانتقال هو رهاننا الأكبر. نحن اليوم أمام لحظة تاريخية فارقة، لنتشارك المسؤولية ولنمنح السوريين فرصة العيش بكرامة، لا لمجرد البقاء، بل للنهوض وبناء وطن يستحقونه.
